فصل: ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.ذكر مجيء جبريل عليه السلام إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم في الصورة التي خلقه الله تعالى عليها:

خرج الحافظ أبو نعيم من حديث أيوب بن فرقد عن الأعمش عن عبد الله ابن عبد الله الرازيّ عن سعيد بن جبير عن أنس رضي الله عنه قال: «قال ورقة ابن نوفل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا محمد! كيف يأتيك الوحي؟ يعني جبريل عليه السلام؟ فقال: يأتيني من السماء جناحاه لؤلؤ، وباطن قدميه أخضر. وفي حديث سليمان: سألت زر بن حبيش عن قول الله تعالى: {لَقَدْ رَأى من آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى} 53: 18 قال زر: قال عبد الله: لقد رأى جبريل له ستمائة جناح».
وفي رواية زرّ عن عبد الله {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى} 53: 11، قال رأى جبريل له ستمائة جناح.
وفي رواية: سأل زر بن حبيش عن قول الله عز وجل: {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى} 53: 9 قال: قال عبد الله: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت جبريل عليه السلام له ستمائة جناح».
هكذا أورده، والمراد بقوله: عن عبد الله، وهو ابن مسعود أنه قال في تفسير هاتين الآيتين ما سأذكره، ثم استأنف قال: حدثنا ابن مسعود وليس المراد أن ابن مسعود حدّث عبد الله كما هو ظاهر السياق، بل عبد الله هو ابن مسعود، وأخرجه في الحديث الّذي يليه من وجه آخر عن الشيبانيّ فقال: سألت زرّا عن قوله فذكره. ولا إشكال في سياقه، وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج، من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن عبد الواحد بن زياد، عن الشيبانيّ.
ولأبي يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد بن سلمة، حدثنا عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت جبريل عند السدرة وله ستمائة جناح ينتشر من ريشه تهاويل الدر والياقوت»، قال أبو نعيم: رواه عن عاصم مثله مرفوعا زائدة وحسين بن واقد. ورواه شريك وغيره موقوفا على عبد الله. وقال أبو وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أتاني جبريل في خضر معلقا به الدرّ، وزاد عاصم: وله ستمائة جناح». وخرج أبو نعيم من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني وآدم عن شريك عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى} 53: 13- 14 قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل في صورته عند السدرة له ستمائة جناح، جناح منها سد الأفق تتناثر من أجنحته التهاويل الدر والياقوت ما لا يعلمه إلا الله.
ومن طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله في قوله: {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى} 53: 11 قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل في حلتي رفرف قد سد ما بين السماء والأرض.
ومن حديث قيس بن وهب عن مرة عن عبد الله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً} 53: 13 قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل معلقا رجليه بالسدرة، عليهما الدر كأنه قطر المطر على البقل.
ومن حديث سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن علقمة عن عبد الله {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} 81: 23، قال: جبريل في رفرف خضر قد سد الأفق.
ومن حديث عثمان، حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت جبريل منهبطا قد ملأ ما بين السماء إلى الأرض عليه ثياب سندس معلق به الدر والياقوت» ومن حديث مسلمة بن أبي الأشعث عن أبي صالح عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لجبريل: «وددت أن أراك في صورتك» قال: أتحب ذلك؟ قلت: نعم، قال: موعدك كذا وكذا من الليل في بقيع الغرقد، فلقيه النبي صلّى الله عليه وسلّم لموعده، فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى النبي صلّى الله عليه وسلّم من السماء شيئا، وأحب النبي صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك.
وللإمام أحمد من حديث أبي بكر بن عياش عن إدريس بن وهب بن منبه عن أبيه وهب عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل أن يراه في صوره، فقال: ادع ربك، فدعا ربه فطلع عليه سواد من قبل المشرق فجعل يرتفع فينتشر، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صعق، فنعشه فمسح البزاق عن فمه.
ولابن حبان من حديث صفوان بن عمرو عن شريح بن عبد الله قال: لما صعد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى السماء فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، خرّ جبريل ساجدا حتى قضى الله إلى عبده ما قضى، ثم رفع رأسه فرأيته في خلقه الّذي خلق عليه، منظوم بالزبرجد، واللؤلؤ والياقوت، فخيّل إليّ أنّ ماء عينيه قد سد الأفق، وكنت لا أراه قبل ذلك إلا على صورة مختلفة، وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي، وكنت أحيانا لا أراه قبل ذلك إلا كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال. قال أبو نعيم: والروايات تتسع في ترائي جبريل عليه السلام للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في صور مختلفة، ووجه ذلك: أن يكون لجبريل ضروب من الصور، فكل مرة يتراءى فيها للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يثبت الله قلب رسوله لرؤيته فيها بقوة يجددها الله له، وكل حالة إبقاء الله تعالى رسوله على جبلته، ولا يحدث له فيها قوة، يضعف صلّى الله عليه وسلّم عن رؤيته، فيصعق صلّى الله عليه وسلّم حتى ثبته الله تعالى.

.ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

خرج البخاري من حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن الحرث بن هشام سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، كيف كان يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ فينفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول». قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد وإن جبينه ليتفصد عرقا.
وخرجه النسائي أيضا، وخرجه البخاري ومسلم من حديث على بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن الحرث بن هشام سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف يأتيك الوحي؟ قال: كل ذلك، يأتيني أحيانا مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت ما قال وهو أشده عليّ، ويتمثل لي الملك أحيانا رجلا فيكلمني فأعي ما يقول». ذكره البخاري في كتاب بدء الخلق، وخرجه النسائي عن سفيان عن هشام وقال فيه: «وأحيانا يأتيني في مثل صورة الفتى فينبذه إليّ». وخرجه مسلم من حديث أبي أسامة ومحمد بن بشر عن هشام ولفظه: «أن الحرث بن هشام سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم: كيف كان يأتيك الوحي؟ فقال: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ عليّ، ثم يفصم عني وقد وعيته، وأحيانا ملك في مثل صورة الرجال، فأعى ما يقول».
ولمسلم من حديث أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان لينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغداة الباردة ثم تفيض جبهته عرقا.
وله من حديث قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد وجهه، وفي لفظ: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أنزل عليه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رءوسهم، فلما أتلى عنه رفع رأسه.
وفي رواية لغير مسلم: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أنزل عليه الوحي عرفنا ذلك فيه وغمض عينيه وتربد وجهه، فنزل عليه فأمسكنا عنه، فلما سرى عنه قال:
خذوهن اقتلوهن. ولعبد الرزاق من حديث يونس بن يزيد الأشهلي عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد الله القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي نسمع عنه دويا كدويّ النحل.
وخرجه الترمذي من حديث عبد الرزاق بهذا السند ولفظه: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل، فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللَّهمّ زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} 23: 1 حتى ختم عشر آيات. قال الترمذي: سمعت إسحاق بن منصور يقول: رواه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن يونس بن سليمان عن يونس بن يزيد عن الزهري هذا الحديث نحوه، ومن سمع من عبد الرزاق فربما قال لهم: إنما تذكرون فيه عن يونس بن يزيد، وبعضهم لا يذكر فيه عن يونس بن يزيد، ومن ذكر فيه عن يونس بن يزيد فهو أصح، وكذا عبد الرزاق ربما ذكر في هذا الحديث يونس بن يزيد، وربما لم يذكره وهو عندنا أصح.
وخرجه أيضا عنه ابن حميد، وخرجه الحاكم وقال: الإسناد صحيح. وفي حديث قصة الإفك قالت عائشة: فو الله ما رام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل الّذي ينزل عليه، قالت: فلما سرّى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرّي عنه وهو يضحك.
ولأبي بكر بن أبي شيبة من حديث يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن علقمة ابن وقاص، حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت: شخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصره إلى السقف، وكان إذا نزل عليه وجد ثقلا، قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} 73: 5.
وللإمام أحمد من حديث صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: سمعت زيد بن ثابت يقول: كان إذا نزل الوحي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثقل لذلك وتحدر جبينه عرقا كأنه الجمان، وإن كان في البرد.
وله من حديث معمر عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: اكتب: {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ في سَبِيلِ الله} 4: 95، فجاء ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله، إني أحب الجهاد، ولكن بي من الزّمانة ما ترى، قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي حتى خشيت أن ترضها ثم قال: اكتب {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ في سَبِيلِ الله} 4: 95. ولأبي نعيم من حديث ابن لهيعة قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عمرو ابن الوليد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: «قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل تحس بالوحي؟ قال: نعم أسمع صلاصل ثم أسبت عند ذلك، وما من مرة يوحى إليّ إلا ظننت أن نفسي تقبض منه». ولأبي نعيم من حديث عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم بن كليب قال: حدثني أبي عن خالد الفلتان بن عاصم قال: كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنزل عليه، وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله عز وجل.
وله من حديث أبي عون عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي صدع فغلف رأسه بالحناء.
وله لأحمد بن حنبل من حديث سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: كنت آخذة بزمام ناقة النبي صلّى الله عليه وسلّم حين نزلت المائدة، فكاد أن ينكسر عضدها من ثقل المائدة.
وخرج الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة، حدثنا حيي عن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الجبليّ حدثه قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: أنزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها.
وللبخاريّ ومسلم من حديث همام قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح قال: حدثني صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه «أن رجلا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر الخلوق- أو قال: أثر صفرة- فقال: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: فأنزل الله على النبي الوحي صلوات الله وسلامه عليهما فستر بثوب، وكان يعلى يقول: وددت أن أرى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد أنزل الله عليه الوحي، فقال عمر رضي الله عنه: أيسرك أن ترى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد أنزل عليه الله الوحي؟ قلت: نعم، فرفع عمر طرف الثوب، فنظرت إليه له غطيط، قال: وأحسب قال: كغطيط البكر، قال: فلما سرى عنه قال: أين السائل عن العمرة؟ اخلع الجبة واغسل أثر الخلوق وأنق الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك وقال مسلم: اغسل عنك أثر الصفرة أو قال: أثر الخلوق، واخلع عنك جبتك، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك». وخرجاه من طرق مطولا ومختصرا.
ومما أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب (1)، ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح، وبيان تحريم الطيب عليه، حديث رقم 6، 1180، 7، 8، 9، 10، وقال فيه: خمّره عمر بالثوب، أي غطّاه، وأما إدخال يعلى رأسه، ورؤيته النبي صلّى الله عليه وسلّم في تلك الحال، وإذن عمر له في ذلك، فكله محمول على أنهم علموا من النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لا يكره الاطلاع عليه في ذلك الوقت وتلك الحال، لأن فيه تقوية الإيمان بمشاهدة حالة الوحي الكريم، والله تعالى أعلم.
وخرج الإمام أحمد من حديث أبي الزناد عن خارجة بن زيد قال: قال زيد ابن ثابت: إني قاعد إلى جنب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ أوحي إليه، قال: وغشيته السكينة ووقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة، قال زيد:
فلا والله ما وجدت شيئا أثقل من فخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم سرى عنه فقال: أكتب يا زيد. وروى الحسين بن إسماعيل المحاملي من حديث أبي الزياد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت قال: كان إذا أنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم السورة الشديدة أخذه من الشدة والكرب على قدر شدة السورة، وإذا أنزل عليه السورة اللينة أخذ به من ذلك على قدر لينها.
ولابن سعد من حديث صالح بن محمد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسيّ قال: رأيت الوحي ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه على راحلته فترغو وتقبل يديها حتى أظن أن ذراعها تنفصم فربما بركت وربما قامت موئدة يديها حتى يسرى عنه مثل الوحي، وإنه ليتحدر مثل الجمان.
وخرج الحاكم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أوحي إليه لم يستطع أحد منا يرفع طرف إليه حتى ينقضي الوحي. قال هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ولم يخرجاه.
وله من حديث معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها فلم تستطع أن تتحرك، وتلت قول الله عزّ وجلّ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} 73: 5 قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه والله الموفق بمنه وكرمه وحسن توفيقه.

.ذكر تعليم جبريل عليه السلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوضوء والصلاة:

قال أبو عمر بن عبد الله: ومعلوم أن الجنابة لم يفترض الغسل منها قبل الوضوء، كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم افترضت عليه الصلاة بمكة والغسل من الجنابة، وأنه لم يصل قط بمكة إلا بوضوء مثل وضوئه بالمدينة ومثل وضوئنا اليوم، وهذا لا يجهله عالم ولا يدفعه إلا معاند.
وخرج الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن جبريل أتاه أول ما أوحي إليه فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة ماء فنضح بها فرجة.